ا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي هو عن ابني البالغ من العمر 5 سنوات، وسأقسمه إلى ثلاثة أجزاء:
أولا: صغيري يحفظ شيئا لا بأس به من كتاب الله، ويعرف جميع حروف اللغة العربية قراءة وكتابة، كما أنه يحفظ الكثير من سير الأنبياء وجزءا لا بأس به من سيرة المصطفى، وحرصا على تعلمه اللغة العربية قبل التحاقه بالمدرسة في شهر "جانفى" ألحقته بالمسجد لتعلمها أكثر لأنه سيدرس باللغة الإنجليزية لا العربية، وفوجئت بأن المعلم يقول إنه قليل التركيز، فخفت أن يكون كلامه صحيحا فكيف يمكن أن أتأكد من ذلك؟ وما هو الحل؟
ثانيا: صغيري عندما يخطئ وأنبهه لذلك يطلب مني أن أعاقبه أو أن يفعل ذلك لنفسه بأن يطلب مني حرمانه من شيء معين، وهكذا وهذا يزعجني فهل هذا السلوك طبيعي؟
ثالثا: إنني عندما أدرسه ويخطئ فأصحح له ينزعج، ويقول إنني السبب في دفعه للخطأ؛ لأنني تعجلت رغم أن ذلك غير صحيح، وشكرا لكم على سعة الصدر وجعله الله في ميزان حسناتكم
الحل:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. أم عبد الرحمن..
أنت من تستحقين الشكر والثناء -سيدتي- على تمسكك بدينك ولغتك في الغربة واهتمامك بتربية ابنك وتنشئته على الخلق القويم والمبادئ الإسلامية، فبوركت وبورك لك في أبنائك.
أما بالنسبة لسؤالك أو استفسارك الأول، وهو: كيف تعرفين ما إذا كان ابنك يعاني من قلة التركيز أم لا فيمكنك ذلك عن طريق:
1. أن تقصي عليه قصة بأداء حسن وصوت معبر، ثم تناقشي معه أحداث القصة وتديري معه حوارا حولها وعما أعجبه فيها وعن أبطالها، كما يمكن أن تطلبي منه أن يسرد عليك بعض أجزاء منها.
2. تسألينه عن بعض الأحداث في قصص الأنبياء التي يعرفها.
3. تفعلين ذلك أيضا عند مشاهدته لبعض البرامج أو المسلسلات بالتلفاز -إذا كان مسموحا له بمشاهدته- أو عند مشاهدته الكرتون مثلا.
4. تحاولين سؤاله عما دار في حلقة الدرس بالمسجد.
5. أعطه كتابا به قصة مصورة، واجعليه يحكي لك الأحداث من خلال الصور، ثم أغلقي الكتاب وناقشيه في القصة وتسلسل الأحداث بها.
6. اذكري له عدة أرقام واجعليه يرددها بعدك بنفس الترتيب وابدئي برقمين ثم ثلاثة وهكذا...
7. ارسمي مفتاحا صغيرا مثلا في وسط قصة بمجلة من مجلات القصص المصورة، واجعليه يبحث عن هذا المفتاح (مثل البحث عن شخصية فضولي في مجلة ماجد إذا كنت تعرفينها).
8. ضعي كلمات مختلفة بها حرف مشترك مثل: سمك – شم – فم – قلم، واسأليه عن الحرف المشترك مع ملاحظة أن تكتبي الكلمات بخط كبير واضح، والحرف المشترك يكتب بنفس الطريقة في الكلمات كلها، وأنا أعلم تماما أنه ربما لا يعرف قراءة الكلمات ففي هذه اللعبة غير مطالب بقراءة الكلمات، لكن المطلوب هو أن يركز في شكل الحرف المشترك ويخرجه أو يشير إليه.
9. أعطه صورتين متشابهتين بينهما اختلاف في بعض الأشياء مع ملاحظة أن تكون مكونات الصور كبيرة، وكذلك أوجه الاختلاف.
10. أعطه كوبين أو طبقين بينهما تشابه في أشياء، واجعليه يذكر أوجه التشابه.
11. ألقي عليه أمرين أو ثلاثة أوامر متتالية واطلبي منه تنفيذها بالترتيب الذي سمعه مثل: اجرِ إلى آخر الحجرة، واستدر ثلاث دورات (لف ثلاث مرات)، ثم ارجع إلى خط البداية، أو اطلبي منه إعداد بعض الأطباق على مائدة الطعام، ثم غلق أحد الأبواب المفتوحة، ثم اطلبي منه سقي النبات مثلا، وهكذا فإذا استطاع فعل هذه الأوامر بالترتيب اذكري له أربعة أوامر، وأضيفي بعد ثلاث أو أربع مرات من هذه اللعبة أمرا جديدا حتى تعرفي إلى أي حد يستطيع التركيز وتذكر أكثر من شيء.
12. وأخيرا عليك بملاحظة سلوكيات عبد الرحمن بصفة عامة مثل: هل يشرد كثيرا عندما يتحدث معه أي أحد؟ هل يفشل في إنهاء الأشياء؟ هل يبدو عليه غالبا أنه غير منصت؟ هل يتشتت بسهولة؟ (ولكن أرجو أن تكون هذه الملاحظة بطريقة لا يشعر عبد الرحمن معها أنه مراقب أو أن خطواته وحركاته مرصودة).
يمكنك عن طريق النماذج السابقة من ألعاب ومن ملاحظة سلوكه اكتشاف ما إذا كان ابنك يستطيع التركيز والتذكر أم لا؟ كما يمكنك ابتكار وسائل أخرى على غرار الأمثلة السابقة، فإذا تجاوب ابنك مع الألعاب السابقة وأداها أو أدى معظمها فهو يستطيع التركيز، وأنا أرجح أنه لا يعاني من قلة التركيز؛ وذلك لأنه بالفعل يحفظ بعض سور من القرآن، كما أنه يعرف عددا من قصص الأنبياء بل يعرف الحروف العربية قراءة وكتابة كما ذكرت برسالتك.
أما عن ملحوظة معلمه بالمسجد عن قلة تركيزه فربما يرجع لأسباب أخرى مثل: عدم انسجامه بالمكان أو عدم انسجامه مع مجموعة الأطفال الذي يصاحبهم أو أن أسلوب المعلم لا يناسب طبيعة الطفل نفسه فيشعر بالملل وبالتالي لا ينتبه ولا يركز.
تعالي الآن ننتقل للنقطة الثانية وهي: رغبة الطفل أن تعاقبيه أو يعاقب هو نفسه إذا ما أخطأ ربما يرجع السبب في ذلك أنه نشأ في بيئة تهول أو تضخم حجم الخطأ وتؤنبه دائما على أخطائه مهما كانت بسيطة.
والحل في مثل هذا الأمر أن نوضح له ببساطة قيمة العفو والتسامح، وأن أي إنسان معرض أن يخطئ في حق الآخرين، وكل ما يجب على المخطئ أن يحاول تصحيح ما أخطأ فيه وعلى الآخرين أن يعفوا في المقابل، بل نحن نخطئ في حق الله تعالى، ولكن الله يغفر أي يسامح عباده إذا ما تابوا أو استغفروا، ويمكن أن يعرف ذلك من خلال قصص يحوي هذا المضمون ولا بد أن يعرف أن من استغفر عن خطأ بصدق فكأنه لم يخطئ، لكن أرجو أن يكون ذلك في حدود الوسطية حتى لا يستهين فيما بعد بالأخطاء والذنوب.
وأما النقطة الثالثة -وهي مرتبطة بالنقطة السابقة- فهي: انزعاج "عبد الرحمن" حين يخطئ أثناء مساعدتك له في المذاكرة واتهامك بأنك أنت السبب في هذا الخطأ؛ لأنك تعجلته.
لا تجعلي هذا الأمر يزعجك فكثير من الأطفال لا يرغبون في أن يشعروا بأنهم مخطئون أو بأن خطأ وقع منهم، وفضلا عن ذلك فإن "عبد الرحمن" قرر أن يعاقب نفسه إذا أخطأ؛ ولذا فهو لا يرغب بل يكره أن يخطئ، ولذا فعليك عدم التعليق على اتهامه لك بأنك أنت السبب في هذا الخطأ، وأكملي شرحك أو حديثك معه، واتفقي معه على المهلة التي يرغب أن تتركيها له كفرصة للتفكير وعدم استعجاله، فإذا أخطأ بعدها فعليك بعدم الاهتمام بهذا الخطأ وانتقلي لنقطة تالية فيما تؤديانه سويا.